كارثة الاعتداء الجنسي في 2023.. صرخات الأرواح المكسورة تبحث عن العدالة
كارثة الاعتداء الجنسي في 2023.. صرخات الأرواح المكسورة تبحث عن العدالة
في عام 2023، عانت البشرية واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية المدمرة والمؤلمة، وهي انتشار الاعتداء الجنسي وانتهاكات حقوق الإنسان.
من شرق العالم إلى غربه، انتشر الظلام والفساد، وباتت الأرواح المكسورة والقلوب المحطمة تصرخ بين الجدران المحيطة بها.
ويعتبر الأطفال هم الضحايا الأكثر ضعفاً وتأثراً، فحسب تقرير منظمة اليونيسف تعرض أكثر من 300 ألف طفل للتحرش الجنسي في عام 2023 وحده، وهذا يعني أن طفلاً يتعرض للاعتداء الجنسي كل دقيقة، وهذا الرقم المروع يكسر قلوبنا ويجعلنا نشعر بالغضب والحزن العميقين.
وتعد النساء هن الضحايا الأكثر تأثراً بالاعتداءات الجنسية، وحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للمرأة تعرضت أكثر من 120 مليون امرأة للاعتداء الجنسي في عام 2023، هذا يعني أن امرأة واحدة تتعرض للاعتداء الجنسي كل ثانية.
ويصمت العديد من الضحايا الأبرياء، لخوفهم من العواقب والتهديدات التي قد تواجههم في حالة الإفصاح عن تلك الجرائم المروعة، وفقاً لتقرير منظمة العفو الدولية فإن 90% من حالات الاعتداء الجنسي لم يُبلَغ عنها في عام 2023.
هذا يعني أن العدد الفعلي للحالات قد يكون أعلى بكثير مما هو مدون في الإحصائيات الرسمية، إن صمت الضحايا يكون قاتلاً للأمل والعدالة.
ويرى محللون أن هذه الكارثة الإنسانية تتطلب تحركاً فورياً وتعاوناً دولياً للوقوف في وجه هذا الظلام واحتضان الضحايا وتوفير العدالة التي يستحقونها.
كذلك وجوب تقديم الدعم الشامل للضحايا، بدءاً من رعاية صحية ونفسية متخصصة وصولاً إلى خدمات التأهيل وإعادة التأهيل؛ يجب أن يكون للضحايا المساعدة والدعم اللازمين للتعافي واستعادة حياتهم بعد هذه التجارب المروعة، مع ضرورة العمل على زيادة التوعية والتثقيف حول قضية الاعتداء الجنسي وحقوق الإنسان.. ويجب أن نعلم الناس بأهمية الإبلاغ عن الجرائم والتضامن مع الضحايا، وأن نقوم بتوفير المعلومات والموارد للمجتمع للوقاية من الاعتداءات الجنسية.
"جسور بوست" تناقش الآزمة، فهذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل هي قصص حقيقية لأرواح مكسورة وحياة تم تدميرها، إنها صرخات مكتومة تحتاج إلى تحرك وتغيير حقيقي.
الآثار النفسية والاجتماعية لضحايا الاعتداء الجنسي
علّق الحقوقي الأردني نضال منصور بقوله، إن ما يجب علينا كمجتمع دولي، هو تبني استراتيجيات شاملة للتصدي للأسباب الجذرية للعنف الجنسي والاعتداءات الجنسية، فهذه الوحشية يجب أن يقابلها حزم وحسم وعقاب رادع، يجب أن نعمل على توفير تعليم شامل حول حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، وتعزيز الوعي حول آثار العنف الجنسي على الفرد والمجتمع، على أن تكون هناك جهود مشتركة لتشجيع الابلاغ عن الجرائم وتوفير الدعم للضحايا وتعزيز العدالة، كذلك من المهم تمكين النساء والفتيات وتوفير الفرص والحماية لهن، وتشجيع المساواة وإنهاء العنف الجنسي والتمييز الجنساني، وقبل أي شيء يجب العمل على بناء مجتمع يحترم حقوق الإنسان ويعامل الجميع بكرامة وعدالة.
وأضاف منصور في تصريحات لـ"جسور بوست": يعتبر الاعتداء الجنسي جريمة خطيرة تؤثر بشكل كبير على الضحية من النواحي النفسية والاجتماعية، ويتعرض الضحايا لتجربة مؤلمة قد تؤدي إلى تدهور الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية، وتتطلب رعاية ودعماً مكثفاً للتعافي والشفاء، ويعاني العديد من ضحايا الاعتداء الجنسي من اضطرابات ما بعد الصدمة، والتي تتضمن الشعور بالخوف الشديد والقلق المستمر والذكريات المؤلمة والأحلام المزعجة، وقد يعاني الضحية أيضاً من إعادة تجربة الحدث الصادم من خلال الاشتباكات، كذلك يعاني الضحايا من تدهور التقدير الذاتي والشعور بالعار والذنب، وقد يشعرون بأنهم غير جديرين بالحب والاحترام.
واستطرد: يمكن أن ينتج الاعتداء الجنسي عن تطور اضطرابات الطعام مثل فقدان الشهية أو الشهية المفرطة أو القيء المتعمد، وذلك نتيجة للتوتر النفسي وتأثيرات سلبية على الصورة الذاتية، كذلك يعاني الضحايا من صعوبات في إقامة والحفاظ على علاقات صحية وثقافية، يمكن أن يؤثر الاعتداء الجنسي على الثقة والقدرة على التواصل العاطفي بشكل سلبي.
وأتم: قد يشعر الضحايا بالانعزال والانفصال عن المجتمع والأصدقاء والأحباء، يمكن أن يحدث ذلك نتيجة للخجل والخوف من الإفصاح عن تجربتهم ومخاوفهم من التعرض للحكم أو قد يلجأ بعض الضحايا إلى العنف الذاتي كوسيلة للتعامل مع الألم النفسي الذي يعانون منه.. قد يشمل ذلك إيذاء النفس ومحاولات الانتحار.
نضال منصور
ويمكن أن يؤثر الاعتداء الجنسي على الحياة الجنسية للضحية بشكل كبير، قد ينتج عن ذلك صعوبات في بناء الثقة والرغبة الجنسية والعلاقات الحميمة، وقد يعاني الضحية من الألم الجسدي والتوتر النفسي أثناء الممارسة الجنسية.
توفير الدعم النفسي والاجتماعي
وقال الخبير النفسي جمال فرويز: إن ضحايا الاعتداء الجنسي يتعرضون لآثار نفسية واجتماعية خطيرة تستدعي رعاية ودعماً مكثفاً، يجب توفير الخدمات النفسية والاجتماعية المتخصصة للمساعدة في التعافي والشفاء، أيضاً توفير بيئة داعمة وخالية من اللوم والتمييز للضحايا، والعمل على توعية المجتمع بأهمية التعاون والدعم لضحايا الاعتداء الجنسي ويعاني ضحايا الاعتداء الجنسي من آثار نفسية مدمرة، وتقديم الدعم النفسي يسهم في تعزيز عملية التعافي والشفاء، يمكن للمساعدة النفسية المناسبة أن تساعد الضحية على معالجة الصدمة النفسية والتغلب على الاضطرابات المرتبطة بالاعتداء الجنسي، ما يساعدهم على استعادة الثقة بالنفس والحياة.
وأضاف “فرويز” في تصريحات لـ"جسور بوست": يمكن للضحايا أن يشعروا بالانعزال والانفصال عن المجتمع والأصدقاء والأحباء بعد تعرضهم للاعتداء الجنسي، مع ضرورة توفير الدعم الاجتماعي يساعد على تقليل الشعور بالعزلة والوحدة، ويمنح الضحية الفرصة للتواصل مع الآخرين وبناء علاقات داعمة وصحية، ويعاني الضحايا من تدهور التقدير الذاتي والشعور بالعار والذنب بعد الاعتداء الجنسي، ويمكن للدعم النفسي والاجتماعي أن يسهم في تعزيز الثقة بالنفس وتحسين التقدير الذاتي، وذلك من خلال توفير الدعم العاطفي والتأكيد على قيمة الضحية كإنسان وحقها في السلام والأمان.
واستطرد: يعاني الضحايا من صعوبات في إقامة علاقات صحية وثقافية بعد الاعتداء الجنسي، والدعم النفسي والاجتماعي يمكن أن يساعد الضحية على التعامل مع تلك الصعوبات وتحسين مهارات التواصل وبناء علاقات طيبة بالآخرين، والضحايا في بعض الأحيان قد يعانون من عدم الوعي بحقوقهم والخدمات المتاحة لهم، يمكن للدعم النفسي والاجتماعي أن يوفر المعلومات والتوجيه للضحية حول الخدمات القانونية والطبية والنفسية المتاحة، ويساعدهم على اتخاذ الخطوات اللازمة للحماية والمساعدة.
جمال فرويز
وأتم: بشكل عام توفير الدعم النفسي والاجتماعي لضحايا الاعتداء الجنسي يساعد في تعزيز التعافي النفسي، وتقليل الشعور بالعزلة، وتعزيز الثقة والتقدير الذاتي، ومساعدتهم في التعامل مع الصعوبات العلاقية، وتوفير المعلومات والتوجيه، كذلك ضرورة أن يتم تقديم هذا الدعم بشكل متكامل ومتعدد الجوانب، ويمكن أن يشمل الدعم النفسي الفردي والجماعي، والمساعدة الاجتماعية، والتوجيه القانوني والطبي إذا لزم الأمر.
العقوبات القانونية المتوقعة للمعتدين
من جانبه، قال الحقوقي الأردني كمال المشرقي: إن العقوبات تختلف من بلد لآخر وتعتمد على النظام القانوني المعمول به في كل بلد، ومع ذلك في العديد من البلدان تعتبر الاعتداءات الجنسية جرائم جنائية خطيرة وتعاقب عليها بعقوبات قاسية، وقد يواجه المعتدي عقوبة السجن لفترة محددة يُحكم بها من قبل المحكمة قد تتفاوت مدة السجن وفقاً لخطورة الجريمة وتأثيرها على الضحية، ويمكن فرض غرامة مالية على المعتدي تكون قيمة الغرامة محددة بناءً على تقييم المحكمة وقد ترتبط بدخل المعتدي أو قدرته على دفعها، وقد تفرض المحكمة شروطاً للإشراف القضائي على المعتدي بعد الإفراج من السجن.
وأضاف المشرقي، في تصريحات لـ"جسور بوست": قد يتضمن ذلك الالتزام بعدم الاقتراب من الضحية أو المشاركة في برامج علاجية أو إعادة تأهيلية، يتم تسجيل جرائم الاعتداء الجنسي في سجل جنائي، وهذا يعني أن سجل المعتدي الجنسي سيظل مسجلاً لدي السلطات القضائية، وهو يمكن أن يؤثر على فرصه المستقبلية للتوظيف والسفر وغيرها، ويتم فرض عقوبات إضافية على المعتدي الجنسي، مثل تطبيق قوانين التسجيل كمتحرش جنسي أو متهم بارتكاب جريمة جنسية أخرى، من المهم الإشارة إلى أن هذه العقوبات هي مجرد أمثلة عامة وتختلف بشكل كبير حسب القوانين المحلية والتشريعات في كل بلد، يجب استشارة المصادر القانونية المحلية للحصول على معلومات أكثر تفصيلاً ودقة بشأن العقوبات القانونية المتوقعة للمعتدين جنسياً في بلدك.
كمال المشرقي
إجراءات مهمة
وقال الحقوق الفلسطيني محمود الحنفي: إذا ما تعرض أحد للاعتداء الجنسي، فلا بد من إجراءات يجب اتخاذها منها:
التأكد من السلامة الشخصية، بأن يولي اهتماماً فورياً بسلامته الشخصية، وبأن يحاول البحث عن مكان آمن، وقم بالاتصال بالشرطة أو الطوارئ إذا كنت في خطر، ويفضل تقديم بلاغ للشرطة في أقرب فرصة ممكنة بعد الاعتداء الجنسي، قد يكون من الأفضل طلب وجود ضابط مختص في جرائم الاعتداء الجنسي، أيضاً ضرورة الاتصال بمحامٍ أو مستشار قانوني متخصص في جرائم الاعتداء الجنسي للحصول على المشورة القانونية والتوجيه، بالطبع سيساعد المحامي في فهم حقوقك القانونية ومساعدتك في اتخاذ الخطوات اللازمة لرفع الدعوى القانونية إن رغبت في ذلك، من المهم كذلك الحفاظ على أدلة الاعتداء الجنسي، مثل الملابس التي كنت ترتديها أو أي أدلة مادية أخرى، وقد تكون هذه الأدلة ضرورية في التحقيق الجنائي والدعاوى القانونية المحتملة.
وأوصى الحنفي في تصريحات لـ"جسور بوست" بضرورة زيارة مقدم الرعاية الصحية للحصول على الرعاية الطبية اللازمة والفحوصات الطبية، وهناك حاجة لجمع الأدلة الطبية وإجراء فحوصات لتوثيق الإصابات وتحديد الآثار البدنية للهجوم، ويوفر الدعم النفسي والاجتماعي للضحية دعماً مهماً خلال عملية التعافي، ويمكن الاتصال بمركز متخصص في الدعم لضحايا الاعتداء الجنسي أو البحث عن جمعيات محلية أو مراكز مجتمعية تقدم هذه الخدمات.
واستطرد: بعد التعرض للاعتداء الجنسي، من المهم على الضحية الحفاظ على الأدلة التي يمكن أن تدعم قضيتها، مثل الملابس التي كانت ترتديها أثناء الاعتداء، أو ألياف من ملابس المعتدي، أو أدلة أخرى تدعم قصة الاعتداء، إذا كانت هناك إصابات بدنية نتيجة للاعتداء فمن المهم توثيقها، بالتقاط الصور للإصابات، أو زيارة مقدم الرعاية الصحية لتوثيقها، فيمكن أن يسهم في تقديم أدلة، وإذا كنت تتلقى رسائل أو مكالمات هاتفية من المعتدي فمن الضروري الحفاظ على هذه الرسائل والاتصالات كأدلة على الاتصال غير المرغوب فيه وسلوك المعتدي، وإذا كان هناك أي وثائق، مثل رسائل بريد إلكتروني أو رسائل نصية أو وثائق أخرى ذات صلة بالاعتداء، فيجب الحفاظ عليها كأدلة.
محمود الحنفي
وأتم: إذا كان هناك شهود للحادثة أو أشخاص يعرفون عن الاعتداء، يجب الحفاظ على معلومات الاتصال بهم لاحقاً، قد يكون لديهم شهادات تدعم قصة الضحية، ومن المهم الحفاظ على أي سجلات أو تقارير من جلسات الدعم النفسي والاجتماعي التي تلقيتها، ويمكن أن تكون هذه السجلات أدلة قوية تشير إلى تأثير الاعتداء على حالتك النفسية.